أسماها السومريون (سوك مارو) أي سوق الحكيم و أطلالها (ايشان) كبقية المدن السومرية المندثرة في جنوب العراق. يقول الرواة ان سوق الشيوخ نشأت على مرتفع واسع من الارض او تل كبير وعلى إحدى اليشن السومرية القديمه حيث وجده بعض الباعة من أبناء الارياف القريبه منه خير ساحه لمبادلة البضائع المختلفة وكان يعرف بتل الاسود ثم بعد ان بنيت علية عدة دكاكين من طين او القصب.
ثم تبدل أسم السوق إلى سوق النواشي، وربما يكون محرف من كلمة (مواشي)،او من أسم قديم محلي، والنواشي كما يقول عبدالرزاق الحسني فخذ من عشائر بني أسد، وكان افراد هذه القبيلة يبتاعون منها ما يحتاجون اليه من طعام وكساء قبل ان يرحلوا إلى البادية، فلما نزل آل سعدون هذه السوق ايام مشيخة الامير عبد الله بن محمد بن مانع "الذي هو أخو سعدون الذي اشتهرت باسمه الاسرة - اشتهرت السوق المذكورة بسوق الشيوخ، لان آل السعدون كانوا شيوخ المنتفق اي زعماؤه، فلما حل الامير ثويني بن عبدالله السعدون محل ابيه في المشيخة على قبائل أمارة المنتفق في سنة1175هـ – 1761م امر ان تكون هذه السوق ثابتة. (ويقول يعقوب سركيس في مباحث عراقية ان سوق الشيوخ لم تشيد الا بعد ستة 1781م- 1196هـ)،أي مركزا ثابتا لمهمات الشيوخ المذكورين، ومخزنا لذخيرتهم، وملجأ حصينا يلجاون اليه عند الحاجة، وخطط لهذا الغرض عمارة على الضفة اليمنى من الفرات في موضع يبعد عن الناصرية غربا 35 كيلومترا. فما انتهت المشيخة إلى الامير حمود بن ثامر السعدون تظإهر بالارتياب من الحواضر، وكانت الحكومة العثمانية تعمل يومئذ على توسيع الحركة العمرانية في جنوبي العراق لتقضي على النفوذ القبلي وتمدن الرؤساء والشيوخ، فانتهز الوالي مدحت باشا ذلك فرصة فأسس لواء المنتفق وجعل "سوق الشيوخ " مركز قضاء تابع لها منذ عام 128 7هـ -1870 م فلم تزل في تقدم وتوسع حتى غدت مدينة كبيرة يقطنها زهاء عشرة آلاف نسمة من البحارنة وحضر من العرا قيين المتجمعين من هنا وهناك طلبا للرزق ورغبة في الكسب.
ثم اتسعت رقعة السكن الدائم بأتساع النشاط الاقتصادي والاجتماعي وتوافد التجار والحرفيين على المدينة فظهرت المحلات على الأساس المألوف في المدن الإسلامية وقسمت على أساس الإنحدارات العشائرية أو الإقليمية، فنجد مثلا محلة البحارنة نسبة للبحارنة القادمين من البحرين على شواطئ الخليج العربي ثم محلة البغاده وأهلها جاءوا من بغداد، وهذه محلة الحويزه للذين هاجروا من الاحواز وما جاورها، ومحلة الحضر وسكانها الذين جاءوا من مدن متفرقه وبعض الارياف المجاوره للمدينة وكانت هذه المحلات الاربع متجاورة على التل الذي علية المدينة التي سورت وفتحت فيها الابواب في العهد العثماني التي تسمى (القول) جمع (قولة) وذلك في. ولاية مدحت باشا والتي اصبحت وسميت بقضاء سوق الشيوخ عام 1870م وعين حسين باشا قائمقاما فيها. . . وفي القرن العشرين توسعت، فهناك عبر النهر محلة الصابئة الذين جاءوها من ميسان والعماره وبعدد كبير من الحرفيين، وعملو في الحدادة والنجارة واالصناعات المعدنية كالحلي وصناعة الزوارق، فأنتعشت المدينة بنشاطهم، وأمست منتجة. وهناك محلة الاسماعيلية في المنخفض الغربي للمدينة.
وعين أول قائمقام عراقي بعد تكوين الدولة العراقية عام 1921م وهو صالح الحجاج. ومازالت المدينة تحتفظ بمسيات معالم أندثرت كما مثلا خان العجم،حيث أمه الأيرانيون على المدينة حتى اصبح لهم قنصل فخري لحكومة إيران فيها،وهو المدعو محمد علي البهبهاني. وحينما نمر اليوم في بداية الزقاق المؤدي إلى دار العرفج في محلة النجاده تجد آثار الكنيس اليهودي(التوراة)،ومازال الناس يتذكرون شيخهم المدعوا الياهو يعقوب القماش. وكان لسوق الشيوع أخبار خلال ثورة العشرين وأشتهر بعض أعلامه ممن شارك فيها مثل الشيخ باقر حيدر و الشيخ محمد حسن حيدر.
وفي عام 1935م كانت الانتفاضة في المدينة دعما ومساندة لما حصل في الفرات الأوسط. ويصفها عبدالرزاق الحسني خلال تلك الفترة بأنها عبارة عن غابة من النخيل وبؤرة من المستنقعات تجعل الهواء فيها وخما والحا لة الصحية غير مرضية، إلا أن ا لسلطات الادارية قطعت في السنوات الاخيرة، ولاسيما في عام 1935 م، مساحة كبيرة من النخيل المذكور ودفنت بعض المستنقعات محولة إياهـا إلى حدائق حدائق عامة وارباض واسعة ومبان. فتحسنت البيئة و نتعشت الحالة الصحية إلى حد ما، ثم أنشأ مشروعا للكهرباء واخر للماء، ومدت جسرا عبر النهر لتسهيل المرور، وفرشت بعض الشوارع بإلاسفلت وهدم للأسف سور الطين الذي كان يحيط بها. وكانت في (سوق ا لشيوخ) سوق قديمة أحرقها الثوار في انتقاضة عام 1935 م فجددها اصحابها كما أنشئت فيها في الخمسينات دوائر حكومية للشرطة والادارة المالية والطا بو والمحكة، ومدارس، وناديا للموظفين الخ.
وإبان تلك الحقبة تطورت المدينة إجتماعيا ودب فيها إنفتاح وعمت بها الأفكار الشيوعية، وهكذا عجت المدينة بحركة فكرية وتجاذب بين جانب محافظ وآخر ثوري منعتق. وحسبت المدينة طائفيا وسياسيا ضد سلطة البعث، حيث عانت المدينة بعدها من الإهمال خلال الحقب اللاحقة. وربما يكون هذا سببا كافيا لأن تشتعل بها شرارة إنتفاضة شعبنان عام1991م، وهكذا دفعت المدينة الثمن غاليا بأبنائها وعمرانها، حتى لنجدها خربة اليوم.
وثمة شخصيات عامة علمية وإجتماعية خرجت من صلب هذه المدينة مثل الدكاتره عبد القادر اليوسف و حسن الهداوي وطالب الطالقاني و حلمي الحمدي و أبو طالب محمد سعيد وغيرهم،و عمار الحمدي و محمد علي العيد ووعبد الفتاح المطلق والدكتور عادل الشاهر و حسن يوسف النجار و خزعل ذياب والمغني ناصر حكيم والشاعر حمدي الحمدي.
و لقضاء " سوق الشيوخ " ثلاث نواح وهي العكيكة(وسميت بهذا الاسم نسبة إلى عكة الدهن اي صفيحة الدهن لان اهلها كانوا يبيعون الدهن) وكرمة بني سعيد والجبايش. ناحيةعكيكة :- با لتصغير - ومركزها موضع قروي ساذج يسمى " المخفر " فيه مخفر للشرطة شيد على صدرنهر الفسحة المتشعب من الفرات على مسافة سبعة كيلومترات من سوق الشيوخ شمالا بعد ثورة (سوق الشيوخ) سنة1935م وثمة كذلك ناحية كرمة بني سعيد : مركزها قرية (الكرمة) القائمة على الضفة اليمنى من الفرات في وضع يبعد عن المركزسبعة كيلومترات، وهي من المناطق الرائعة حيث ينقسم الفرات عند مدخل هذه الناحية إلى عدة شعب تزيدها رونقا. ثم اضيفت ناحية الطار الواقعة جنوب ناحية الكرمة على ضفاف نهر الفرات وكلمة الطار تعني المكان المرتفع والتي اصبحت ناحية في عهد قريب